قد يبدو لكل من يزور مدينة إفران أنها جنة على وجه الأرض نظرا لما تتميز به من مناظر خلابة وبما حباها الخالق من ثروات طبيعية لا تنضب إضافة إلى العناية الفائقة التي تحظى بها من طرف السلطات على كافة الأصعدة سواء على الصعيد العمراني والبيئي والأمني والجمالي، لكن ما لا يبدو لمن يزور المدينة إلا لمدة قصيرة هو الهوامش الفقيرة والدواوير المهمشة التي تشكل حزام المدينة والتي تعاني الكثير من المشاكل.
سحر طبيعة جذابة ..
تعد مدينة إفران التي تعني في اللغة الأمازيغية كهوف من أجمل المدن المغربية إن لم نقل أجملها على الإطلاق حيث تتوفر على طبيعة ساحرة صيفا بجوها المنعش وشتاء تكتسي المدينة حلة بيضاء تغري كل سائح بشد الرحال إليها حتى من أماكن بعيدة، كما تتوفر على عيون ماء لا ينضب معينها مثل "عين فيتال" التي تروي ظمأ كل من يقصدها صيفا ويستفيد منها سكان المدينة بقية العام، و"بركة لابريري" التي تعرف تواجدا لعدة أنواع من الطيور تزين البركة على مدار السنة، ومن الأماكن التي يحرص زوار إفران على التواجد فيها والتقاط الصور فيها هو ذلك الأسد الصخري الذي يربض وسط المدينة وتتضارب الروايات عن متى نحث ومن طرف من.
أما المواقع السياحية التي تحيط بالمدينة فهي كثيرة نذكر منها محطة التزحلق بميشليفن حيث لا تجد موطئ قدم خلال موسم تساقط الثلوج وتعرف تواجدا كبيرا للسياح خصوصا عشاق التزحلق على الجليد، إلى جانب محطة ميشليفن هناك "ضاية عوا" الموقع السياحي الآخر الذي لا تخطئه عين السائح والغنية بالطيور المحلية والمهاجرة وبالأسماك والأشجار تحيط بها من كل جانب، ونذكر أيضا موقع "عين بن الصميم" الذي يتميز بمياه عذبة وطبيعة تستهوي عشاق السياحة الجبلية، دون أن ننسى رأس الماء الموقع الجبلي الذي يحج إليه الناس من كل حدب وصوب من أجل التخييم وهروبا من حر الصيف ومن ضوضاء المدينة...
ومن مميزات المدينة أيضا الجانب الأمني حيث تشعر وأنت تتجول بين مواقعها السياحية بأمن لا يتوفر في مدن وأماكن أخرى في المملكة.
وجه خفي طاله التهميش...
لا يبدو للكثيرين وجه آخر خفي لمدينة إفران أو سويسرا المغرب كما يحلو للبعض تسميتها، وجه لم تطله مساحيق التجميل بل نهشه التهميش، اللهم بعض المحاولات الخجولة التي تحاول بين الفينة والأخرى فك العزلة عن أحياء ودواوير يطغى عليها الفقر والبؤس والتهميش تشكل خاصرة المدينة الأطلسية الجميلة، أحياء ودواوير لم تنل من الاهتمام شيئا كثيرا، لا تتوفر لا على ماء ولا كهرباء ولا طرق ولا قنوات صرف صحي ولا مدارس قريبة، هذه الدواوير والأحياء يلمحها من يبتعد عن مركز المدينة قليلا حيث يصطدم بواقع آخر لا يمت لجمال المدينة وجاذبيتها بصلة.
سلبيات كثيرة يكتشفها من يحتك بسكان إفران الذين يقضون معظم السنة بين أسوار المدينة، يقول السيد حسن ياسين أحد سكان دوار تيغبولا : "صراحة نعاني كثيرا خصوصا أثناء سقوط الثلوج بغزارة حيث تنقطع الطرق وننعزل عن العالم الخارجي تماما فالدوار غير مجهز بالماء والكهرباء والطرق غير معبدة وتنقطع بسبب الثلوج". ويضيف "أبناؤنا يعانون من أجل الذهاب للمدرسة الابتدائية البعيدة (4 كلم) وأحيانا كثيرة نفضل إبقاءهم في البيت خوفا عليهم من أن يعلقوا في أكوام الثلوج أما من يدرس في الإعدادي والثانوي فمعاناتهم أكبر خصوصا البنات اللائي ينقطعن عن الدراسة بسبب هاته الصعوبات". ولا ينكر السكان بعض المحاولات المحتشمة التي تقوم بها السلطات المحلية من أجل التخفيف من المعانات وفك العزلة مثل وضع خزانات المياه الكبيرة وتعبئتها قرب المنازل لكي لا يتكبد السكان مشقة جلب المياه من أماكن بعيدة بعد أن قدمت جمعية "فوس فوس للثقافة والتنمية" طلبا في الموضوع.
ومن أجل تقديم يد العون والمساعدة للسكان وفي إطار شراكات مع جمعيات أخرى تعمل جمعية "فوس فوس للثقافة والتنمية" على توزيع مساعدات غذائية على السكان في مناسبات عديدة منها شهر رمضان المبارك.
كما تطلب الجمعية من السلطات استقدام كاسحة الثلوج من أجل فتح الطريق في موسم الثلوج لكنها تتأخر في القدوم ما يشد الخناق على الدواوير أكثر فأكثر ويصعب عليهم ظروف الحياة الصعبة أصلا.
من الصعوبات التي تثقل كاهل الساكنة خصوصا أصحاب الدخل المحدود هو مشكل حطب التدفئة الذي يكلف ميزانية كبيرة نظرا لبرودة فصل الشتاء في المدينة.
ينضاف لكل هاته المشاكل غياب فرص الشغل الشحيحة لأبناء المدينة الذين يكتفون بأعمال موسمية وفي أحيان كثيرة يفضلون الرحيل عن المدينة والبحث عن فرص عمل في مدن تكلفة المعيشة فيها أقل نسبيا من إفران.
لكن قساوة الظروف المعيشية لم تنزع عن السكان كرم الضيافة وحسن استقبال زوار إفران فبمجرد ما تقترب من مساكنهم حتى يدعوك لاحتساء كأس شاي يبقى راسخا في الذاكرة.
تعليقات
إرسال تعليق