اعتاد ساكنة العاصمة العلمية خلال السنتين الأخيرتين على ظاهرة
الفوضى في أسواق الماشية بالمدينة خلال الأيام التي تسبق عيد الأضحى المبارك،
ظاهرة جديدة اضطرت المواطنين إلى البحث عن حلول بديلة لاقتناء أضحية العيد بدل
التوجه إلى الأسواق التي تشهد الفوضى. هذه الظاهرة تثير جدلا واسعا عن الأسباب
الحقيقية وراءها بين من يرجع السبب الحقيقي إلى غلاء أسعار الأضاحي وبين من يزعم
أن وراء الظاهرة أيادي خفية ترمي إلى إثارة البلبلة وزعزعة أمن المدينة الهش أصلا.
شكوى المواطنين من غلاء الأسعار..
الكثير من المواطنين اختاروا البحث عن بدائل سواء بالذهاب إلى نواحي
المدينة من اجل اقتناء أضحية العيد حيث تكثر الإشارات واللوائح الإشهارية التي تدل
على مكان بيع الأضاحي كتب عليها "هنا خروف العيد" في طريق إيموزار أو في
طريق صفرو الخ، وشريحة كبيرة اختارت اقتناء الأضحية من الأسواق الكبيرة مثل مرجان.
يقول ق.م أحد المواطنين مستنكرا ما يحدث في السوق، خلال السنتين
الأخيرتين، من عنف وفوضى وتبادل الحجارة بين شباب وكسابة في "اللهم نمشي نجيب
الحولي من شي فيرما أو نمشي لداك السوق دجي فيا شي حجرة"، هذا ما يقوله
الكثيرون مؤخرا خصوصا أولئك الذين حضروا تدافع الناس من بوابة السوق المجاور
للمركب الرياضي أو سوق بنسودة وشهدوا وابل من الحجارة ينهال عليهم من
السماء.
يضيف ق.م قائلا : "خلال السنة الماضية توجهت إلى السوق ذات عشية
من أجل اقتناء أضحية العيد كان الجو مشمسا والهدوء يسود السوق إلا من مأمأة
الخرفان وثغاء الأغنام ومساومات الزبائن وسؤالهم عن سعر الأضاحي، وفجأة بدأت موجة
كبيرة من الناس تنحو اتجاه البوابة الرئيسية هربا من اللصوص ومثيري الشغب كما زعم
بعض المندفعين، لحسن الحظ لم تقع أي خسائر في الأرواح، لكن كان هناك من فقد أضحية
العيد وسط الزحام".
ارتفاع سعر الأعلاف وراء غلاء سعر المواشي
يشكو الكسابة الذين يؤثثون أسواق الماشية بالمدينة والذين يتوافدون
في الغالب من منطقة الأطلس المتوسط من انعدام الأمن بالسوقين المعروفين بالمدينة،
وهما سوق بنسودة والسوق المجاور للمركب الرياضي. يقول ح.م أحد الكسابة الذين
اعتادوا بيع الاضاحي في فاس "أصبح مشهد الاعتداء على الكسابة أمرا معتادا
خلال السنوات الأخيرة الأمر الذي يضطرنا إلى تغيير الوجهة من أجل بيع المواشي في
اتجاه أسواق لا تعرف انفلاتا أمنيا".
ومن المتوقع هذه السنة أن يكون سعر الأضحية مرتفعا مقارنة بالسنة
الماضية نظرا لما وسم الموسم الفلاحي من ندرة للأمطار والجفاف، ما دفع بالمربين
إلى اللجوء إلى الأعلاف التي عرفت أثمانها تصاعدا صاروخيا في الآونة الأخيرة. وفي
دردشة مع أحد الكسابة القادمين من نواحي بولمان قال إن ثمن كيس النخالة من حجم 40
كلغ بلغ 130 درهما، مقارنة ب 110 دراهم للكيس في الموسم الماضي وبلغ ثمن كيس الذرة
من حجم 50 كلغ 170 درهما مقارنة ب 140 درهما في الموسم الماضي.
ويضيف ح.م "نحن لا نغالي في الأسعار بل هناك عوامل كثيرة تساهم
في الغلاء فإلى جانب غلاء المواد العلفية هناك أيضا السماسرة الذين يشترون الأضحية
بأثمان بخسة نسبيا من المربين ويبيعونها للمستهلك النهائي بأثمان
باهضة".
وضع أمني موسوم بالهشاشة..
ما يؤثر كذلك على حركة الأسواق الجماعية للماشية هو الأمن والذي يعد
من سلبيات العاصمة العلمية. ينعدم الأمن وتزداد حالات النصب والسلب
و"الكريساج" خصوصا في الأحياء المجاورة للأحياء المهمشة التي تعرف تفشي
البطالة والسكن العشوائي وانتشار الجريمة وبيع المخدرات.
هذا الوضع الأمني الهش يؤثر بشكل سلبي على الحركة الإقتصادية في
المدينة. لكن بصيصا من الأمل يلوح في الأفق خصوصا مع التعيينات الجديدة للقيادات
الأمنية التي يأمل سكان فاس أن تفرز حركية جديدة في اتجاه تعزيز الأمن العام الذي
تفضح عيوبه في مناسبات موسمية من قبيل عيد الأضحى..
تعليقات
إرسال تعليق